تعد مسألة متى يسقط حق المطالبة بالدين أحد الموضوعات الأساسية التي يهتم بها النظام القضائي السعودي، حيث يعكس التعامل مع المطالبات المالية جزءاً من المعاملات اليومية في المجتمع التجاري والشخصي. كما يتم تحديد مدة التقادم التي يمكن خلالها للدائن أن يطالب المدين بسداد الدين قبل أن يسقط الحق في المطالبة.
تبدأ فترة التقادم عادةً من تاريخ استحقاق الدين، ولكن هناك بعض الحالات التي تؤثر في بداية حساب فترة التقادم أو تعليقها، وذلك حسب نوع الدين وظروفه.
تابع القراءة لتعرف الجواب الدقيق لسؤال متى يسقط حق المطالبة بالدين وتفاصيل أخرى هامة حول هذا الموضوع.
مواضيع المقالة
متى يسقط حق المطالبة بالدين؟ مفهوم التقادم وحالاته
سقوط المطالبة بالدين يشير إلى انقضاء الحق في مطالبة المدين بالسداد بعد مرور فترة معينة تسمى التقادم. في النظام السعودي، يُعد الدين مستحقاً عند وصول موعد السداد أو عند ثبوت استحقاقه وفقاً للاتفاقات بين الأطراف.
النظام السعودي وأحكام سقوط المطالبة بالدين
وفقاً لنظام المعاملات المدنية السعودي، يحدد التقادم كمدة زمنية من لحظة نشوء الحق في المطالبة. وتختلف هذه المدة وفقاً للحق المطالب به:
- المادة (296) من النظام تنص على أنه بعد مرور 5 سنوات من تاريخ استحقاق الدين دون مطالبة قانونية، بالنسبة لحقوق أصحاب المهن الحرة والحقوق الدورية المتجددة كأجور العقارات وغيرها.
- المادة (297) من النظام تنص على أنه بعد مرور سنة واحدة من تاريخ استحقاق الدين دون مطالبة قانونية بالنسبة لحقوق التجار وحوق أصحاب الفنادق والمطاعم وحقوق الأجراء من أجرتهم اليومية وغير اليومية.
ومع ذلك، قد تتغير بداية فترة التقادم بناءً على نوع الدين أو وجود شروط معينة. إذاً، متى يسقط حق المطالبة بالدين؟ ذلك يعتمد على الحالات التالية:
- الدين المعلق على شرط فاسخ:
في هذه الحالة، يبدأ حساب التقادم من تاريخ استحقاق الدين. أي أنه يتم اعتبار الدين مستحقاً منذ البداية بمجرد تحقق الشرط الذي يفسخ الدين، مثلما يحدث في حالة الشرط الذي يترتب عليه سقوط الدين إذا لم يحدث فعل محدد في المستقبل. - الدين المضاف:
يبدأ حساب التقادم فقط بعد سقوط الحق أو التنازل عنه من قبل من له مصلحة في الدين. إذا تم إضافة مصلحة معينة إلى الدين، فإن فترة التقادم تبدأ بعد أن يُقرر صاحب المصلحة عدم متابعة المطالبة. - الدين المضاف إلى أجل واقف:
يبدأ حساب التقادم بعد انقضاء الأجل الذي أُضيف إلى الدين. بمعنى آخر، لا يبدأ حساب التقادم حتى يمر الوقت المحدد. - الدين المعلق على شرط واقف:
في هذه الحالة، يبدأ حساب التقادم فقط بعد تحقق الشرط المعلق عليه الدين. إذا كان الدين مشروطاً بحدث معين أو إجراء، فلا يُحتسب التقادم قبل تحقق ذلك الشرط، حيث يظل استحقاق الدين غير محدد في الفترة التي تسبق تحقق الشرط.
أثر انقضاء مدة التقادم على المطالبة بالدين
بمجرد أن تنقضي فترة التقادم، لا يكون من الممكن مطالبة المدين بالسداد. إلا أن النظام السعودي يتيح للدائنين في بعض الحالات تقديم استئناف إذا كانوا قادرين على إثبات استثناءات قانونية، مثل:
- الاعتراف بالدين: إذا اعترف المدين بالدين في وقت لاحق أمام المحكمة أو في مستند رسمي، يمكن أن يتم استئناف التقادم.
- الحالات الاستثنائية: إذا حدثت ظروف طارئة مثل المرض أو السفر، قد يتم تعليق التقادم لفترة معينة.
مثال قانوني: في حالة وجود دين مستحق وكان المدين في السجن أو خارج المملكة، يمكن تعليق المدة القانونية للتقادم لحين زوال العائق القانوني.
استثناءات من سقوط حق المطالبة بالدين
من أبرز الاستثناءات التي يتم من خلالها تجنب سقوط حق المطالبة بالدين:
- الاعتراف بالدين: كما ذكرنا سابقاً، إذا اعترف المدين بالدين بعد انقضاء فترة التقادم، يتم اعتبار المطالبة بالدين قانونية.
- التفاوض على السداد: في حال تم التوصل إلى اتفاق بين الدائن والمدين بشأن سداد الدين بعد مرور فترة التقادم، يمكن للدائن استعادة حقه في المطالبة.
- الإجراءات القضائية: إذا تم رفع دعوى قضائية في المحكمة قبل انقضاء فترة التقادم، فإن المدة تتوقف لحين صدور حكم نهائي.
كيفية تجنب سقوط المطالبة بالدين
لتجنب سقوط المطالبة بالدين في السعودية، ينصح باتباع عدة خطوات مهمة:
- توثيق الدين بشكل رسمي: من خلال عقود مكتوبة أو شهود معتمدين.
- متابعة المواعيد القانونية: من خلال الاحتفاظ بملاحظات حول تواريخ استحقاق الدين.
- استشارة محامي مختص: للحصول على نصائح قانونية حول كيفية استرداد الدين قبل انقضاء فترة التقادم.
إجراءات المطالبة بالدين
عندما يحين الوقت لاسترداد الدين، يجب على الدائن اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة للمطالبة بحقوقه. وفقاً للنظام السعودي، يجب على الدائن أن يتبع خطوات محددة وفقاً لمرحلة التقادم ونوع الدين. وتتضمن إجراءات المطالبة بالدين الخطوات التالية:
- التفاوض الودي:
في البداية، يجب على الدائن محاولة التوصل إلى اتفاق مع المدين بصورة ودية. من الممكن أن يكون هذا عبر رسائل مكتوبة أو عبر التفاهم المباشر بين الطرفين. إن المفاوضات الودية تعد خيارًا مهمًا، حيث قد تساهم في تجنب اللجوء إلى الإجراءات القضائية. - إرسال إنذار قانوني:
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يمكن للدائن إرسال إنذار قانوني إلى المدين، يُطلب فيه السداد الفوري للدين. يتضمن الإنذار كافة التفاصيل المتعلقة بالدين (المبلغ المستحق، تاريخ استحقاق الدين، وطرق الدفع المقترحة). - رفع الدعوى أمام المحكمة:
في حال استمر المدين في المماطلة أو رفض السداد، يمكن للدائن رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة في المملكة. في هذه الحالة، يتعين على الدائن تقديم كافة الأدلة التي تدعم حقه في المطالبة بالدين، مثل العقود أو الشهادات أو أي مستندات قانونية أخرى. - تنفيذ حكم المحكمة:
إذا أصدر القضاء حكماً لصالح الدائن، يتم تنفيذ الحكم من خلال إجراءات التنفيذ الجبري. هذه الإجراءات تشمل الحجز على الأموال أو العقارات المملوكة للمدين لتحصيل الدين. في حال امتناع المدين عن التنفيذ يعاقب بالسجن لمدة سبع سنوات وفقاً للمادة 88 من نظام التنفيذ. - الاستئناف في حال رفض الحكم:
في حال كان المدين غير راضٍ عن الحكم الصادر، يمكنه الاستئناف أمام محكمة الاستئناف. يجب أن يتم تقديم الاستئناف في المدة المحددة من قبل النظام القضائي.
إن اتباع هذه الإجراءات بطريقة دقيقة يساعد الدائن في ضمان استرداد حقوقه، وفقاً لما تقتضيه الأنظمة القضائية في السعودية.
عقوبات المماطلة في دفع الدين
تُعتبر المماطلة في دفع الدين جريمة مالية في النظام السعودي، وقد يترتب عليها عقوبات قانونية خطيرة. لا يقتصر النظام على فرض عقوبات مالية فقط، بل قد يشمل أيضًا عقوبات أخرى تهدف إلى حماية حقوق الدائنين وتأكيد احترام الالتزامات المالية في المجتمع. وتتمثل العقوبات المترتبة على المماطلة في دفع الدين في عدة أشكال:
- الغرامات المالية:
يفرض النظام السعودي غرامات مالية على المدين الذي يماطل في دفع الدين. هذه الغرامات تتناسب مع المبلغ المستحق ويضاف إليها رسوم إضافية نتيجة التأخير. - الحبس أو السجن:
في حالات المماطلة المتعمدة أو في حال كان المدين قد حصل على قرض أو مال عن طريق الاحتيال أو عدم الوفاء بالالتزامات، قد يُحكم عليه بالسجن. يُعتبر هذا عقوبة رادعة للحد من تجاوزات المماطلة في الدين. - الحجز على الممتلكات:
في حال استمرت المماطلة، يمكن للدائن أن يتخذ الإجراءات القانونية عبر المحكمة للحصول على أمر بحجز ممتلكات المدين. قد يشمل ذلك الحجز على الأموال أو العقارات أو أي أصول أخرى يمكن أن تُستخدم لسداد الدين المستحق. - التنفيذ الجبري:
إذا لم يتم الدفع طوعاً، يمكن للقضاء إصدار أمر بتنفيذ حكم قضائي، مما يؤدي إلى مصادرة أصول المدين لاستيفاء المبالغ المستحقة. هذا قد يشمل سحب العقارات أو الحجز على الأرصدة البنكية للمدين. - منع المدين من السفر:
في بعض الحالات، قد يُمنع المدين من السفر خارج المملكة حتى يتم تسوية الديون المستحقة. هذا يتم عبر القضاء أو عبر الجهات المختصة.
تُعتبر هذه العقوبات جزءاً من سياسة المملكة العربية السعودية لضمان العدالة وحماية حقوق الأطراف في المعاملات المالية. لذا، ينبغي على المدينين الالتزام بتسديد ديونهم في الوقت المحدد لتجنب هذه العقوبات.
أسئلة شائعة حول مقالنا متى يسقط حق المطالبة بالدين
هل يمكن استعادة الدين بعد انقضاء فترة التقادم؟
لا، إذا انقضت المدة المحددة دون إجراء قانوني، يصبح الدين غير قابل للاسترداد إلا في بعض الحالات الاستثنائية.
هل يمكنني مطالبة المدين إذا اعترف بالدين بعد مرور فترة التقادم؟
نعم، الاعتراف بالدين يوقف انقضاء التقادم ويمكن للدائن مطالبة المدين.
هل تختلف فترة التقادم حسب نوع الدين؟
نعم، فالدين العقاري قد يتطلب فترة أطول للتقادم مقارنة بالديون الشخصية.
كيف أتجنب سقوط حق المطالبة بالدين؟
يمكنك تتجنب سقوط حقك بالمطالبة بالدين بأنك تعتمد التوثيق الجيد للديون ومتابعة المواعيد القانونية بشكل دقيق.
في الختام لمقالنا.
متى يسقط حق المطالبة بالدين 4 حالات موضحة قانوناً والاستثناء.
تعد مسألة سقوط حق المطالبة بالدين من المواضيع الحيوية في النظام القانوني السعودي، ويجب على الأفراد والشركات أن يكونوا على دراية بالتقادم المرتبط بالديون وكيفية تجنب سقوط حق المطالبة.
على الدائنين اتخاذ التدابير القانونية الصحيحة في الوقت المناسب لضمان حقوقهم. في ذات الوقت، يهدف النظام إلى معاقبة من يماطل في دفع الديون لتحقيق العدالة وحماية المصالح المالية لجميع الأطراف.
تواصل الآن مع محامي جدة مختص في القضايا المالية لتحصيل حقوقك قبل فوت الأوان! استشارة قانونية من محامي خبير قد تكون كفيلة باستعادة الدين.
المراجع:

المحامي والمستشار القانوني محمد عبود الدوسري
الدرجة العلمية: حاصل على بكالوريوس في الشريعة من جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية.
الخبرة المهنية:
محامي ومستشار قانوني ذو خبرة طويلة، وهو مؤسس ومالك شركة “محمد عبود الدوسري” للمحاماة والاستشارات القانونية.
مجالات الممارسة:
القضايا الجزائية
قضايا الأحوال الشخصية
قضايا الشركات والعقود التجارية
التحكيم
التأهيل العلمي:
حاصل على دبلوم في التحكيم التجاري الدولي من الهيئة الدولية للتحكيم في عام 2018 وعضو في المحكمة الدولية لتسوية المنازعات.




